12 Aug
12Aug

المقدمة

تواجه البيئة التعليمية العراقية العديد من التحديات، لكن يبقى التعليم الركيزة الأساسية للتنمية والتقدم. ومع تسارع التغيرات في المجتمع، أصبح من الضروري التحول من التركيز على جوانب القصور إلى التركيز على نقاط القوة والفرص، وهو ما ينسجم مع فلسفة علم النفس الإيجابي ويمتد تطبيقه في إطار الإحصاء الإيجابي.تهدف هذه المقالة إلى استكشاف كيفية توظيف الإحصاء الإيجابي في قياس أثر البيئة التعليمية الإيجابية على المجتمع العراقي، وكيف يمكن لهذا التوجه أن يسهم في بناء جيل قادر على التعافي، الإبداع، والمساهمة الفعّالة في التنمية المستدامة.

من الإحصاء التقليدي إلى الإحصاء الإيجابي

  • الإحصاء التقليدي: يركّز غالبًا على قياس المشكلات، مثل معدلات الرسوب، التسرب، والفجوة في التحصيل الدراسي.
  • الإحصاء الإيجابي: يغيّر زاوية النظر من سؤال "لماذا يفشل الطلاب؟" إلى "ما العوامل التي تساعد الطلاب على النجاح؟"؛ وذلك عبر قياس وتحليل المؤشرات الإيجابية، مثل:
    • مؤشرات الرضا والسعادة: مستوى رضا الطلاب عن تجربتهم التعليمية.
    • مؤشرات المشاركة: نسبة مشاركة الطلاب في الأنشطة اللامنهجية.
    • مؤشرات المرونة الأكاديمية: قدرة الطلاب على تجاوز التحديات الدراسية والشخصية.
ضمن منهجية الإحصاء الإيجابي، يمكن توظيف مؤشرات كمية مثل PEI – مؤشر التمكين الإيجابي أو RII – مؤشر أهمية المؤشر لقياس هذه العوامل وتفسيرها بأسلوب علمي.

تطبيق الإحصاء الإيجابي في البيئة التعليمية العراقية

1. التخطيط واتخاذ القرار

  • تحديد الاحتياجات بدقة (أعداد الطلاب والمعلمين، البنية التحتية).
  • توزيع الموارد المالية والبشرية وفقًا للأولوية الفعلية.
  • تقييم أثر السياسات التعليمية باستخدام بيانات حقيقية وتعديلها عند الحاجة.

2. تحسين جودة التعليم

  • تحليل نتائج الامتحانات للكشف عن نقاط القوة وتطوير المناهج.
  • تقييم أداء المعلمين ووضع برامج تدريبية مستندة للبيانات.
  • مراقبة معدلات التسرب ومعالجة أسبابها عبر برامج وقائية.

3. تطوير المناهج الدراسية

  • مواءمة المناهج مع متطلبات سوق العمل.
  • قياس فاعلية المناهج الجديدة على تحصيل الطلاب.

4. تعزيز الوعي الإحصائي

  • تعليم الطلاب والمعلمين أسس التفكير النقدي والتحليل الإحصائي.
  • تشجيع البحث العلمي المبني على بيانات دقيقة.
  • تمكين الطلاب من تتبع تطورهم الأكاديمي والشخصي.

دراسة ميدانية مقترحة

يمكن تنفيذ دراسة ميدانية تشمل مدارس وجامعات عراقية باستخدام استبيانات لقياس:

  • العوامل التعليمية: جودة العلاقة بين الطالب والمعلم، توفر الأنشطة الداعمة.
  • العوامل الاجتماعية: الإحساس بالانتماء، وجود شبكات دعم بين الزملاء.
  • المخرجات الإيجابية: التحصيل الدراسي، الثقة بالنفس، الرغبة في مواصلة التعليم، مهارات التفكير النقدي.

ويتم تحليل النتائج باستخدام أدوات الإحصاء الإيجابي (مثل الانحدار الإيجابي أو مؤشرات التمكين) لقياس مدى تأثير هذه العوامل على المخرجات التعليمية.

النتائج المتوقعة والتوصيات

النتائج المتوقعة:

  • بيئة تعليمية إيجابية تؤدي إلى تحسن الأداء الأكاديمي وارتفاع معدلات الثقة بالنفس.
  • انعكاس هذه التحسينات على المجتمع من خلال تخريج جيل مؤهل ومبدع.

التوصيات:

  1. دعوة وزارة التربية والتعليم العالي لتبني منظور الإحصاء الإيجابي في تقييم أداء المؤسسات التعليمية.
  2. حث المدارس والجامعات على تصميم برامج تركز على المهارات الحياتية ونقاط القوة لدى الطلاب.
  3. تشجيع الباحثين على إجراء المزيد من الدراسات الميدانية باستخدام أدوات ومنهجية الإحصاء الإيجابي.

حول الكاتب: رنا شاكر فضل – ماجستير علم النفس التربوي، خريجة أكاديمية الإحصاء الإيجابي