في زمنٍ تتسارع فيه التحديات أمام الطلاب والمعلمين، لم يعد الإحصاء مجرد جداول وأرقام جامدة. بل ظهر اتجاه جديد يعرف بـ الإحصاء الإيجابي،
"الإحصاء الإيجابي هو فرع من الإحصاء التطبيقي يُعنى بقياس، وتحليل، وتفسير العوامل الإيجابية في السلوك البشري، والتنظيمات (المؤسسات)، والأنظمة الاجتماعية، مع التركيز على ما يُسهم في النمو والتحسن."
وفي السياق العملي/التطبيقي يمكن تبسيطه كما يلي:
"منهجية علمية تحليلية جديدة لقراءة المؤشرات في مختلف القطاعات، تركّز على تتبّع التحسّن والتمكين بدلًا من تشخيص التراجع فقط.
.وهنا يلتقي الإحصاء الإيجابي مباشرةً مع علم النفس التربوي، لأنه يمنحنا أدوات كمية لتحويل مفاهيم مثل الدافعية، الرضا، المرونة، والذكاء العاطفي من مجرد أفكار نظرية إلى مؤشرات قابلة للقياس والتحليل.
ما المفاهيم التي يجمعها الإحصاء الإيجابي مع علم النفس التربوي؟
- الدافعية الذاتية للتعلم: قياس مستوى حماس الطالب للتعلم باستمرار.
- المرونة النفسية: فهم قدرة الطلاب على النهوض بعد الفشل.
- التحصيل الأكاديمي الإيجابي: ربط الدرجات الأكاديمية بالرضا النفسي لا بالضغط النفسي.
- الذكاء العاطفي: تحليل دور التعاطف وضبط الانفعال داخل الصف.
- بيئة الصف الإيجابية: كيف ينعكس الجو العام على سلوكيات الطلاب وتعاونهم.
كيف نستخدم الإحصاء الإيجابي في هذا السياق؟
- تصميم أدوات قياس إيجابية
مثل استبيانات تقيس التفاؤل الأكاديمي أو مؤشر التحفيز الدراسي الإيجابي. - تحليل العلاقات بين المتغيرات
هل الطلاب الأكثر تفاؤلًا يحققون درجات أعلى؟ هنا يستخدم الإحصاء الإيجابي معاملات ارتباط وانحدار بنّاءة. - تقييم البرامج التربوية
عند تطبيق برنامج لتعزيز الصحة النفسية في المدرسة، يمكننا استخدام مؤشرات مثل:- PEI: مؤشر التمكين الإيجابي.
- CI: مؤشر التغطية (مدى وصول الأثر لجميع الطلاب).
- CPAI: مؤشر الإنجاز الإيجابي المركب.
- التنبؤ الإيجابي بالسلوك الدراسي
بدلًا من السؤال: "من سيتسرب من التعليم؟"، نسأل: "ما العوامل التي تجعل بعض الطلاب يتفوقون رغم الظروف؟".
لماذا هذا التكامل مهم؟
- لأنه يساعد على تصميم بيئات تعليمية أكثر دعمًا نفسيًا.
- لأنه يمكّن المعلمين من فهم احتياجات طلابهم بعمق أكبر.
- ولأنه يربط بين جودة التعليم و الصحة النفسية، فيجعل العملية التربوية أكثر شمولًا وعدالة.
كلمة أخيرة
الإحصاء الإيجابي ليس مجرد أداة للبحث الأكاديمي، بل يمكن أن يكون أسلوب حياة في المدارس.
فحين ننظر إلى الطلاب من زاوية نقاط القوة لا من زاوية القصور، نصنع جيلًا أكثر قدرة على التعلم والنمو.
وهكذا يصبح الإحصاء وسيلة لإشعال شرارة الأمل داخل الفصول الدراسية، لا مجرد أرقام على الورق.
حول الكاتب: رنا شاكر فضل – ماجستير علم النفس التربوي، خريجة أكاديمية الإحصاء الإيجابي
